الحريــة للعمـلاء والقبـور للشهـداء
د.نسيب حطيط
لقد أنقلبت الصورة والمفاهيم في لبنان ،الأمن العام والجيش اللبناني إلى القضاء...المقاومون محاصرون...العملاء أحرار.. يهددون ويحتفلون ،العملاء أبرياء في المحاكم وبعضهم سيكون نائبا أو وزيرا،المتهمون بالإرهاب والعمالة ضيوف سيارات الوزراء والنواب كسبا لأصوات الناخبين عام2013، ، ولم أسمع يوما ان احد المسؤولين نقل مقاوما في سيارته بعد تحريره! او أشتكى في المحاكم والهيئات الدولية ضد اسرائيل لمحاسبتها على مجازرها، فالعملاء سادة المجتمع والمقاومون منسيون ومتهمون ، ولا رعاية للمعوقين والجرحى من المقاومين والأسرى... وليس لهم معاشات تقاعدية أو وظائف لتأمين الحد الأدنى من العيش الكريم.
بحجة حقوق الإنسان وحرية الرأي تحول العميل إلى مظلوم وصاحب وجهة نظر سياسية تتعاون مع العدو الإسرائيلي ، إن مرحلة العمالة والإرهاب ورعايتها في لبنان بدأت تترسخ وفق التالي:
- مطالبة بعض قوى 14 اذار بإعتماد عيد المقاومة والتحرير من الجيش السوري كما تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي وبما يخالف الطائف!.
- العمل على إلغاء عقوبة الإعدام لتأمين حماية العملاء من الإعدام بإنتظار تغيير الظروف وإطلاق سراحهم.
- إصدار الأحكام المخففة بحق العملاء بحجة العيش المشترك والتفاهمات السياسية ومن ثم تخفيفها وإلغائها.
- الإحتفالات الشعبية والرسمية عند إطلاق العملاء بل وتجرأ البعض منهم لإطلاق التهديد وضرب من خالفهم الرأي.
- تبني بعض القوى السياسية والطائفية والفعاليات والنواب للعملاء لحسابات إنتخابية وشعبية مما يسقط هؤلاء في دائرة الإدانة ولا يرفع عن العملاء تهمة العمالة.
- إضفاء نوع من الشرعية الأخلاقية والطائفية على كل عميل من طائفته أو من خلال التنظيم الذي يتبنى قضيته، مما يريح العملاء من المعاناة المعنوية والأخلاقية في بيئتهم ويتحولوا إلى أبطال مظلومين!.
كل هذا على حساب المقاومة وثقافتها وتاريخها،بما يتناقض مع سنة التاريخ وقيمه وثوراته فالعميل خائن ، والمقاوم شريف مهما ظلمه الإنتهازيون أو باع تضحياته الوصوليون وتجار السياسة والألقاب والسلطة، وإذا تخلت الدولة والمجتمع المدني عن مسؤولية حفظ التاريخ الشريف للشعب ومقاوميه ، فإن الباب سينفتح أمام مقاومين جدد لمقاومة الإنحراف والتواطؤ الداخلي الذي يحمي العملاء ،وتبدأ محاسبة العملاء ، ومن يرعاهم ثوريا ،فالمقاومة منظومة مركبة وشاملة على جبهات القتال وفي حماية أسس المجتمع المقاوم، حتى لاتتكررمأساة المقاومين القدامى، فيتحول أدهم خنجر وصادق حمزة ورفاقهم إلى قطاع طرق ولصوص ويتحول الشهداء إلى ارهابيين و ضحايا ، تمردوا على النظام أو المشروع الأميركي وسيكون العميل ممثلا للشعب ومنفذا للقانون ضد ممن حمى الدولة والأرض والكرامة.
إن الإصرار على إستفزاز أهالي الشهداء والأسرى وضحايا الإحتلال والعملاء من قبل الدولة والقوى السياسية سيؤدي إلى تفجر أحاسيس ومشاعر المظلومين من أهل المقاومة، وسيلجأون إلى تنفبذ العقاب بيدهم دون إنتظار أحد،فلا يمكن لأيتام وأرامل المقاومين المقتولين شهداء أن يروا العميل القاتل محمولا على الأكتاف ليقتل شهيدهم مرة ثانية، ويغتصب مشاعر الفخر والإعتزاز في صدور عائلته ،ويحول الشهداء إلى(نكرة)إجتماعية او رقما في مقابر الأرقام بدون حماية أو رعاية.
كيف يمكن حماية مقاومة أو إنتصارها في بلد تحاصر فيه بالسياسة والإعلام والقضاء والعملاء والطائفية والمذهبية؟.
لقد صار للعدو الإسرائيلي(كتائب العملاء) في لبنان تعمل خلف خطوط المقاومة، وتفتح الثغرات في جسدها بشكل قانوني وسياسي، والمقاوم مقيد الأيدي بهدف حفظ السلم الأهلي والعيش المشترك والتفاهمات السياسية والعشائرية والعائلية و منع الفتن المذهبية ،لكن هذه الإستراتيجية وإن كانت مبررة بعض الشيئ، لكنها إن إستمرت فستجد المقاومة نفسها مشلولة و مقيدة بكل هذه العناوين ليسهل تسليمها للعدو ،تحضيرا لإعدامها على ساحة اللاشرعيةالدولية .
متى سيطالب العملاء بإعطائهم (عيد العمالة)... ومتى سيعدم الشهداء غيابيا؟